فصل: بين يدي السورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال سيد قطب:

موضوعات هذه السورة المكية هي موضوعات العقيدة الرئيسية:توحيد الله، والإيمان بالوحي، والاعتقاد بالبعث. وإلى جوارها تصحيح بعض القيم الأساسية المتعلقة بموضوعات العقيدة الرئيسية. وبيان أن الإيمان والعمل الصالح- لا الأموال ولا الأولاد- هما قوام الحكم والجزاء عند الله. وأنه ما من قوة تعصم من بطش الله وما من شفاعة عنده إلا بإذنه.
والتركيز الأكبر في السورة على قضية البعث والجزاء؛ وعلى إحاطة علم الله وشموله ودقته ولطفه. وتتكرر الإشارة في السورة إلى هاتين القضيتين المترابطتين بطرق منوعة، وأساليب شتى؛ وتظلل جو السورة كله من البدء إلى النهاية.
فعن قضية البعث يقول: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم}.
وعن قضية الجزاء يقول: {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم}.
وفي موضع آخر قريب في سياق السورة: {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد}.
ويورد عدة مشاهد للقيامة، وما فيها من تأنيب للمكذبين بها، ومن صور العذاب الذي كانوا يكذبون به، أو يشكون في وقوعه كهذا المشهد: {ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادًا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}.
وتتكرر هذه المشاهد وتتوزع في السورة وتختم بها كذلك: ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب. وقالوا:آمنا به. وأنى لهم التناوش من مكان بعيد؟ وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل. إنهم كانوا في شك مريب.
وعن قضية العلم الإلهي الشامل يرد في مطلع السورة: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها}.
ويرد تعقيبًا على التكذيب بمجيء الساعة: {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين}.
ويرد قرب ختام السورة: {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب}.
وفي موضوع التوحيد تبدأ السورة بالحمد لله {الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير}.
ويتحداهم مرات في شأن الشركاء الذين يدعونهم من دون الله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}.
وتشير الآيات إلى عبادتهم للملائكة وللجن وذلك في مشهد من مشاهد القيامة: {ويوم يحشرهم جميعًاثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون}.
وينفي ما كانوا يظنونه من شفاعة الملائكة لهم عند ربهم: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وبمناسبة عبادتهم للشياطين ترد قصة سليمان وتسخير الجن له، وعجزهم عن معرفة موته: {فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}.
وفي موضوع الوحي والرسالة يرد قوله: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه}.. وقوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين}.
ويرد عليهم بتقرير الوحي والرسالة: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد}.. {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرًا ونذيرًا ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
وفي موضوع تقرير القيم يرد قوله: {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالًا وأولادًا وما نحن بمعذبين قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحًا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون}.
ويضرب على هذا أمثلة من الواقع التاريخي في هذه الأرض:قصة آل داود الشاكرين على نعمة الله. وقصة سبأ المتبطرين الذين لا يشكرون. وما وقع لهؤلاء وهؤلاء. وفيه مصداق مشهود للوعد والوعيد.
هذه القضايا التي تعالجها السور المكية في صور شتى، تعرض في كل سورة في مجال كوني، مصحوبة بمؤثرات منوعة، جديدة على القلب في كل مرة. ومجال عرضها في سورة سبأ هذه هو ذلك المجال، ممثلًا في رقعة السماوات والأرض الفسيحة، وفي عالم الغيب المجهول المرهوب. وفي ساحة الحشر الهائلة العظيمة. وفي أعماق النفس المطوية اللطيفة. وفي صحائف التاريخ المعلومة والمجهولة، وفي مشاهد من ذلك التاريخ عجيبة غريبة. وفي كل منها مؤثر موح للقلب البشري، موقظ له من الغفلة والضيق والهمود.
فمنذ افتتاح السورة وهي تفتح على هذا الكون الهائل؛ وعلى صحائفه وما فيها من آيات الله، وعلى مجالي علمه اللطيف الشامل الدقيق الهائل: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها}.. {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين}.
والذين يكذبون بالآخرة يتهددهم بأحداث كونية ضخمة: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب}.
والذين يعبدون من دون الله ملائكة أو جنًا يقفهم وجهًا لوجه أمام الغيب المرهوب في الملأ الأعلى: {ولاتنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
أو يواجههم بالملائكة في ساحة الحشر حيث لا مجال للمواربة والمجادلة: {ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} إلخ.
والمكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يتهمونه بالافتراء أو أن به جنة يقفهم أمام فطرتهم، وأمام منطق قلوبهم بعيدًا عن الغواشي والمؤثرات المصطنعة: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد}.
وهكذا تطوف السورة بالقلب البشري في تلك المجالات المتنوعة، وتواجهه بتلك المؤثرات الموحية الموقظة. حتى تنتهي بمشهد عنيف أخاذ من مشاهد القيامة كما أسلفن.
ويجري سياق السورة في عرض موضوعاتها في تلك المجالات وتحت تلك المؤثرات في جولات قصيرة متلاحقة متماسكة؛ يمكن تقسيمها إلى خمسة أشواط لتيسير عرضها وشرحها. وإلا فإنه ليس بينها فواصل تحددها تحديدًا دقيقًا.. وهذا هو طابع السورة الذي يميزها. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة سبأ مكية وآياتها أربع وخمسون آية.

.بين يدي السورة:

سورة سبأ من السور المكية، التي تهتم بموضوع العقيدة الإسلامية، وتتناول أصول الدين، من إثبات الوحدانية، والنبوة، والبعث والنشور.
أبتدأت السورة الكريمة بتمجيد الله جل وعلا، للذي أبدع الخلق، وأحكم شئون العالم، ودبر الكون بحكمته، فهو الخالق المبدع الحكيم، الذي لا يغيب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، وهذا من أعظم البراهين على وحدانية رب العالمين {الحمد لله الذي له ما في السموات والأرض} الآيات.
وتحدثت السورة عن قضية هامة، هي إنكار المشركين للآخرة، وتكذيبهم بالبعث بعد الموت، فأمرت الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه العظيم، على وقوع المعاد، بعد فناء الأجساد {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم} الآية.
وتناولت السورة قصص بعض الرسل، فذكرت داود وولده سليمان عليهما السلام، وما سخر الله لهما من أنواع النعم، كتسخير الريح لسليمان، وتسخير الطير، والجبال تسبح مع داود إظهارا لفضل الله عليهما في ذلك العطاء الواسع {ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والظير} الآيات.
وتناولت السورة بعض شبهات المشركين، حول رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين، ففندتها بالحجة الدامغة، والبرهان الساطع، كما أقامت الأدلة والبراهين على وجود الله ووحدانيته {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها} الآيات.
وختمت السورة بدعوة المشركين إلى الإيمان بالواحد القهار، الذي بيده تدبير أمور الخلق أجمعين {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى} الآيات.

.التسمية:

سميت سورة سبأ لأن الله تعالى ذكر فيها قصة سبأ، وهم ملوك اليمن، وقد كان أهلها في نعمة ورخاء، وسرور وهناء، وكانت مساكنهم حدائق وجنات، فلما كفروا النعمة، دمرهم الله بالسيل العرم، وجعلهم عبرة لمن يعتبر. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة سبأ مكية وقد ذكر نظيرتها في المدنيين والمكي وفي الشامي أيضا ونظيرتها في الكوفي حم السجدة ولا نظير لها في البصري.
وكلمها ثماني مئة وثلاث وثمانون كلمة.
وحروفها ثلاثة آلاف وخمس مئة واثنا عشر حرفا.
وهي خمسون وخمس آيات في الشامي وأربع في عدد الباقين.
اختلافها آية {عن يمين وشمال} عدها الشامي ولم يعدها الباقون.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا بإجماع أربعة مواضع: {معاجزين} {كالجواب} {معاجزين} {وبين ما يشتهون}.

.ورءوس الآي:

1- {الخبير}.
2- {الغفور}.
3- {مبين}.
4- {كريم}.
5- {أليم}.
6- {الحميد}.
7- {جديد}.
8- {البعيد}.
9- {منيب}.
10- {الحديد}.
11- {بصير}.
12- {السعير}.
13- {الشكور}.
14- {المهين}.
15- {غفور}.
16- {قليل}.
17- {الكفور}.
18- {آمنين}.
19- {شكور}.
20- {المؤمنين}.
21- {حفيظ}.
22- {ظهير}.
23- {الكبير}.
24- {مبين}.
25- {تعملون}.
26- {العليم}.
27- {الحكيم}.
28- {لا يعلمون}.
29- {صادقين}.
30- {ولا يستقدمون}.
31- {مؤمنين}.
32- {مجرمين}.
33- {يعملون}.
34- {كافرون}.
35- {بمعذبين}.
36- {لا يعلمون}.
37- {آمنون}.
38- {محضرون}.
39- {الرازقين}.
40- {يعبدون}.
41- {مؤمنون}.
42- {تكذبون}.
43- {مبين}.
44- {نذير}.
45- {نكير}.
46- {شديد}.
47- {شهيد}.
48- {الغيوب}.
49- {بعيد}.
50- {قريب}.
51- {قريب}.
52- {بعيد}.
53- {بعيد}.
54- {مريب}. اهـ.